أمك.. حين لا تتذكرك !!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أمك.. حين لا تتذكرك !!

أمك.. حين لا تتذكرك !!

في غرفة طوارئ المستشفى وفي حدود الساعة الثامنة والنصف، دخل رجل تجاوز الخامسة والستين من العمر لإزالة بعض الغرز من يده، كان في عجلة من أمره لأن لديه موعداً مهماً في التاسعة، وبعد أن جلس على الكرسي المخصص لتقديم المساعدة الطبية تحدث إليه الممرض قليلاً وهو يزيل الغرز ويهتم بجرحه، فسأله عن طبيعة موعده ولماذا هو في عجلة من أمره، فأجابه الرجل بأنه يذهب كل صباح لدار المسنين لتناول الإفطار مع والدته العجوز.
بدا ذلك الأمر غريباً بعض الشيء للشاب، فهل لا زالت والدة هذا الرجل على قيد الحياة ؟ وحين سأله عن ذلك وجد الرجل يبادر سريعاً للإجابة بأن والدته قد كبرت كثيراً بينما هو لم يتزوج وليس بإمكانه الاعتناء بها، لقد تجاوزت الخامسة والثمانين كما أصيبت منذ فترة بمرض الزهايمر أي ضعف الذاكرة الشديد، فهي ما عادت تتذكر شيئاً، وان تذكرته فإنها سرعان ما تنساه، وتعود لتتذكر تفاصيل قديمة حدثت لها منذ سنوات بعيدة، فتجدها تتحدث عنها بحماسة طفل، وأنا – يقول الرجل - لا أملك سوى أن أكون مع والدتي أشد على يديها، وأواسي أيامها الأخيرة كي تعبر هذه الأيام بسلام وطمأنينة.
وبينما كان الممرض مستغرقاً في الانصات للرجل انتهى به المطاف الى أن سأله: وهل ستقلق أمك لو تأخرت عن موعد الإفطار قليلاً؟ فأكد له العجوز بأن والدته لم تعد تميز المسافة بين الصباح والظهيرة وبأنها لم تعد تعرف من هو، إنها لا تستطيع التعرّف عليه منذ خمس سنوات مضت.
عندها سأله الشاب سؤالاً قد يبدو مألوفاً لبعضنا: “ومع ذلك لا زلت تذهب لتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت ؟ هكذا سأل الممرض الشاب مريضه الذي انتهى من تغيير ضمادة جرحه !! يبدو أن الناس ترى الأشياء بعيونها لا بقلوبها، وفي الحياة هناك حدود فاصلة بين مرئيات القلب ومشاهد العين، هناك ما لا يصح ولا ينفع أن نراه بعيوننا أبداً، لابد من حضور القلب الحاضر المتوهج المحب، وسؤال الشاب لا علاقة له بحضور البصيرة أبداً !!
لهذا ابتسم الرجل وهو يضغط على يديه قائلاً : “يا بني إن كانت هي لا تعرف من أنا، فأنا أعرف من هي، إنها لا تحتاج لأن تعرف من أنا لكنها بحاجة كبيرة لأن أعرفها أنا، لأن أعرف بأنها أمي !!
هذا الحب الذي يحتاجه والدانا وأهلنا، وهو الحب الذي نريد أن يحبنا من حولنا.. والدانا، إخواننا، أصدقاؤنا، أهلنا وأبناؤنا، يحبوننا لأننا أحبتهم وأهلهم، ونحبهم لأنهم كذلك، ولأنهم يعنون لنا الكثير، نحن نكبر بهذا الحب، وننمو به، حتى إذا صار شجرة كبيرة فينا، تمكنا من أن نستظل به وندعو كل أحبتنا للاستمتاع بظل هذه الشجرة.

مستحيل الام تنسى ابناها
والف شكرا ع الموضوع يا مديرنا الغالي الموضوع في قمة الابداع
شكرا وتقبل مروري